مدونة ارثوذكسي مدونة ارثوذكسي
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...

هل تبيح المسيحية شرب الخمر ؟!

 هل تبيح المسيحية شرب الخمر ؟



هذا التساؤل كثيرا ما يتم طرحه خاصة بعد كل مرة يتم اثارة موضوع فيه شرب الخمور ومؤخرا طرح هذا التساؤل من جديد لذلك اردت ان اوضح موقف المسيحية من شرب الخمور .

ولكن يجب اولا ان نتفق على مبدأ هام يميز الايمان المسيحي وهو انه ليس هناك حرام وحلال في المسيحية بالمعنى المتداول في مجتمعاتنا .! ايضا المادة في حد ذاتها لا يمكن ان نمنع استخدامها بشكل قاطع او نقول انه لا يجوز او حرام ان نستخدمها .
فالمادة نفسها ممكن ان تستخدم استخدام سيء وممكن ان تستخدم في امور مفيدة جدا .
ايضا الكتاب المقدس والمسيحية بشكل عام وضعت لنا مبادئ  عامة وهامة للسلوكيات والأخلاقيات نسير عليها من خلال هذه التعاليم نستطيع ان نحكم ونختار ما هو الضار والمفيد لنا خاصة مع ظهور امور كثيرة لم تكن موجودة من قبل يجب ان نحكم فيها وسأعطي مثالا ايضا .
المادة في حد ذاتها ليست شر ولا يمكن ان يتم منعها مثال المخدرات ممكن ان يتم استخدامها في الطب كعلاج وممكن ان يتم استخدامها في التعاطي والشرب وتصل للإدمان وبالتالي تكون مضرة ولا يجب على الانسان ان يستخدمها في هذا الاستخدام .
ايضا مبدأ عدم التحريم للمادة في المسيحية له بعد هام جدا فعلى سبيل المثال جمعينا الخنزير محرم في الديانة اليهودية وديانات اخرى وتحريم الخنزير وبعد استخدامات طبية كثيرة من مشتقات الخنزير اصبحت هناك مشكلة في هذا التحريم وبالتالي اصحبت هناك اراء مختلفة هل يجوز استخدامه ام لا ؟
هذه المشاكل لا نجدها في المسيحية لأنه كما ذكرنا لا تحريم للمادة ولكن المشكلة في الاستخدام هل نستخدمها بشكل مفيد للإنسان ام شكل ضار ومن هناك يأتي المنع او السماح ؟
نأتي لقضية الخمر وهل تبيح المسيحية الخمر خاصة ان هناك بعض المواقف في الكتاب المقدس تم استخدام الخمر كمشروب بها مثل عرس قانا الجليل .
ان الكتاب المقدس واضح جدا في قضية السكر والمسكر فهناك منع واضح وقوي ضد السكر بالخمر وهناك العديد من الايات في الكتاب المقدس تمنع السكر وتحذر اللذين يسكرون به ولكن علينا اولا ان نوضح ان كلمة الخمر في الكتاب المقدس جاءت بأكثر من معنى ولكن في الترجمة العربية كانت الكلمات تأتي بكلمة واحدة وهي خمر .
ففي العهد القديم جاءت جاءت اكثر من كلمة تعني خمر في اللغة العبرية  الاولى -  يايين" yayin، والثانية هي "تيروش" tirosh. -  
الاولى يايين جاءت في العهد القديم 140 مرة وتعني عصير الفاكهة و استخدمت  للدلالة  على الخمر وهي تعني كل انواع الخمر سواء العنب الطازج او الخمر المركز المعتق واستخدمت ايضا للدلالة على خمر السكيب الذي كان يقدم مع الذبائح امام الرب كما في سفر الخروج 29
وكما جاءت في نبؤة ابينا يعقوب  عن السيد المسيح
لاَ يَزُولُ قَضِيبٌ مِنْ يَهُوذَا وَمُشْتَرِعٌ مِنْ بَيْنِ رِجْلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ شِيلُونُ وَلَهُ يَكُونُ خُضُوعُ شُعُوبٍ. رَابِطًا بِالْكَرْمَةِ جَحْشَهُ، وَبِالْجَفْنَةِ ابْنَ أَتَانِهِ، غَسَلَ بِالْخَمْرِ لِبَاسَهُ، وَبِدَمِ الْعِنَبِ ثَوْبَهُ. مُسْوَدُّ الْعَيْنَيْنِ مِنَ الْخَمْرِ، وَمُبْيَضُّ الأَسْنَانِ مِنَ اللَّبَنِ." (تك 49 : 8 – 12
اما الكلمة الثانية  " תִּירוֹשׁ" "تيروش tirosh" وجاءت 32 مرة في العهد القديم وهي تعني شيئًا يُؤكل مثل العنب المُجفف والفاكهة المُجففة وتستخدم ايضا لتعبر عن عصير العنب الطازج غير المختمر .
اما الكلمة الثالثة  هي "שֵׁכָר" "شِيكار shekar" وجاءت 42 مرة في العهد القديم وتعني شراب العنب المُسكِر وارتبطت هذه الكلمة بالويل مثلما جاء "وَيْلٌ لإِكْلِيلِ فَخْرِ سُكَارَى أَفْرَايِمَ، وَلِلزَّهْرِ الذَّابِلِ، جَمَالِ بَهَائِهِ الَّذِي عَلَى رَأْسِ وَادِي سَمَائِنِ، الْمَضْرُوبِينَ بِالْخَمْرِ...وَلكِنَّ هؤُلاَءِ أَيْضًا ضَلُّوا بِالْخَمْرِ وَتَاهُوا بِالْمُسْكِرِ" (إش 28 :1 - 7)،
 فالنتيجة لهؤلاء السُكَارَى يقول :
"يُمْحَى عَهْدُكُمْ مَعَ الْمَوْتِ، وَلاَ يَثْبُتُ مِيثَاقُكُمْ مَعَ الْهَاوِيَةِ. السَّوْطُ الْجَارِفُ إِذَا عَبَرَ تَكُونُونَ لَهُ لِلدَّوْسِ" (إش 28 : 18)،
أيضا نجد أن كلمة سُكَارَى في الأصل العبري هي "שִׁכֹּרֵ֣י" وتُنطق "شيكوريه shik-kore" وقد جاءت الكلمة واشتقت من كلمة "مُسْكِر" "שֵׁכָר" "شِيكار shekar".
اما في  العهد الجديد جاءت الكلمة اليونانية "οινος إينوس" بمعنى "خَمْر"وهي تُقابل الكلمتين العبريتين "יָ֫יִן" "يَاين yayin" و " תִּירוֹשׁ" "تيروش tirosh". أما الكلمة اليونانية "سيكَيرا σίκερα" ومعناها "مُسْكِر" وأصل الكلمة اليونانية جاء من الكلمة العبرية "שֵׁכָר" "شِيكار shekar". وتوجد كلمة يونانية أخرى بمعنى "مُسْكِر" وهي "مِثيزما μέθυσμα
. ونلاحظ ان كلمة  μέθυσμα ترافق كلمة خمر οινος عندما يكون هناك تحذير من السكر بالخمر او عن الخمر المسكر مثال :
لاَ تَسْكَرُوا  بِالْخَمْرِ الَّذِي فِيهِ الْخَلاَعَةُ" (أف 5 : 18).
ونجد في العهد الجديد في بعض الايات فرق بين الخمر والمسكر فعلى سبيل المثال
جاء عن نبؤة ميلاد يوحنا المعمدان عندما بشر الملاك جبرائيل ابوه زكريا الكاهن به :
لأَنَّهُ يَكُونُ عَظِيمًا أَمَامَ الرَّبِّ، وَخَمْرًا وَمُسْكِرًا لاَ يَشْرَبُ، وَمِنْ بَطْنِ أُمِّهِ يَمْتَلِئُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ." (لو 1: 15).
والكلمة المستخدمة في الاية خمر هي   "οινος إينوس  اما الكلمة المستخدمة مسكر هي سيكَيرا σίκερα
وقد حذر ومنع الكتاب المقدس شرب الخمر المسكر والذي يؤدي الي الخلاعة سواء في العهد القديم او الجديد لذلك نجد عشرات الايات في العهدين تمنع الخمر والسكر به
مثل :
الخَمْرُ مُسْتَهْزِئَةٌ. الْمُسْكِرُ عَجَّاجٌ، وَمَنْ يَتَرَنَّحُ بِهِمَا فَلَيْسَ بِحَكِيمٍ." (أم 20 : 1)
قول الله لهارون "خمرًا ومُسكرًا لا تشرب أنت وبنوك" (لا 10: 9).
- قول الملاك لأم شمشون "لا تشربي خمرًا ولا مُسكرًا" (قض 13: 4، 7).
لمن الويل لمن الشقاوة لمن المخاصمات لمن الكرب لمن الجروح بلا سبب لمن ازمهرار العينين؟ للذين يدمنون الخمر،"(أمثال 23 :29و30)
لمن الكرب لمن الجروح بلا سبب لمن ازمهرار العينين؟ ... للذين يدخلون في طلب الشراب الممزوج" (أمثال23: 30)
حتى الجلوس مع السكريين الكتاب نهى عنه في
 (أمثال 23: 20)  "لا تكن بين شريبي الخمر بين المتلفين أجسادهم".
وفي العهد الجديد ايضا
لاَ تَسْكَرُوا  بِالْخَمْرِ الَّذِي فِيهِ الْخَلاَعَةُ" (أف 5 : 18).
ومن صفات الاسقف التي وضعها بولس الرسول
 غَيْرَ مُدْمِنِ الْخَمْرِ، وَلاَ ضَرَّابٍ، وَلاَ طَامِعٍ بِالرِّبْحِ الْقَبِيحِ، بَلْ حَلِيمًا، غَيْرَ مُخَاصِمٍ، وَلاَ مُحِبٍّ لِلْمَالِ، ا تي 3:3
22) رسالة بولس الرسول إلى تيطس 1: 7
 لأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الأُسْقُفُ بِلاَ لَوْمٍ كَوَكِيلِ اللهِ، غَيْرَ مُعْجِبٍ بِنَفْسِهِ، وَلاَ غَضُوبٍ، وَلاَ مُدْمِنِ الْخَمْرِ، وَلاَ ضَرَّابٍ، وَلاَ طَامِعٍ فِي الرِّبْحِ الْقَبِيحِ،
23) رسالة بولس الرسول إلى تيطس 2: 3
 كَذلِكَ الْعَجَائِزُ فِي سِيرَةٍ تَلِيقُ بِالْقَدَاسَةِ، غَيْرَ ثَالِبَاتٍ، غَيْرَ مُسْتَعْبَدَاتٍ لِلْخَمْرِ الْكَثِيرِ، مُعَلِّمَاتٍ الصَّلاَحَ،
24) رسالة بطرس الرسول الأولى 4: 3
 لأَنَّ زَمَانَ الْحَيَاةِ الَّذِي مَضَى يَكْفِينَا لِنَكُونَ قَدْ عَمِلْنَا إِرَادَةَ الأُمَمِ، سَالِكِينَ فِي الدَّعَارَةِ وَالشَّهَوَاتِ، وَإِدْمَانِ الْخَمْرِ، وَالْبَطَرِ، وَالْمُنَادَمَاتِ، وَعِبَادَةِ الأَوْثَانِ الْمُحَرَّمَةِ،
بل نجد ان الرسول بولس الرسول وضع السكيرون ضمن قائمة من الاشرار اللذين لن يرثوا ملكوت الله  :
 امْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الظَّالِمِينَ لاَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ؟ لاَ تَضِلُّوا: لاَ زُنَاةٌ وَلاَ عَبَدَةُ أَوْثَانٍ وَلاَ فَاسِقُونَ وَلاَ مَأْبُونُونَ وَلاَ مُضَاجِعُو ذُكُورٍ، 10 وَلاَ سَارِقُونَ وَلاَ طَمَّاعُونَ وَلاَ سِكِّيرُونَ وَلاَ شَتَّامُونَ وَلاَ خَاطِفُونَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ  1 كو 6- 10:9
.
اذن موقف الكتاب المقدس سواء العهد القديم او الجديد واضح من شرب الخمور والسكر بها والتحذير والويل والمنع من ملكوت السموات لم يسكر بالخمر .
كذلك  من خلال الرجوع الاصلية للكتاب المقدس نكتشف ان كلمة خمر كانت تعني انواع كثيره الاستخدام من الخمور منها الغير مختمر ومنها الذي يشرب في مناسبات ومنها المسكر والذي منعه الكتاب المقدس وحذر منه .
لذلك نجد ان من عادة الشعوب قديما في بعض بلدان الشرق هي شرب الخمر والمقصود به عصير العنب خاصة في بعض المناسبات خاصة ان الخمر يشير الي الفرح وايضا كان  في الازمنة القديمة لم تكن المياه بنفس النقاء الموجود اليوم فكان يتم استبدال المياه بعصير العنب او الخمر .
لذلك نجد في معجزة قانا الجليل والتي يستخدمها البعض لادعاء ان المسيحية تبيح شرب الخمور نجد  عندما حول رب المجد المياه الي خمر فكان الخمر هنا ليس خمرا مسكرا ولكنه خمر جيد افاق من شربه  والدليل ان ما قاله رئيس المتكأ
فلما ذاق رئيس المتكأ الماء المتحول خمرا … دعا رئيس المتكأ العريس وقال له: كل إنسان إنما يضع الخمر الجيدة أولا، ومتى سكروا حينئذ الدون. أما أنت فقد أبقيت الخمر الجيدة إلى الآن يو ٢
وهنا رئيس المتكأ عندما ذاق الماء المتحول إلى خمر فاق من سكره وميز طعم الخمر الجيدة فكأنه استرد حاسة التذوق. وهكذا عتب على العريس قائلا له: كل إنسان إنما يضع الخمر الجيدة أولا، ومتى سكروا حينئذ الدون. أما أنت فقد أبقيت الخمر الجيدة إلى الآن".
• فالرب يسوع لم يصنع خمرا مسكرا ولكن خمرا جيدا يفيق الانسان .
إذن نلاحظ الآتي :
• رغم ان الخمر كان عادة في مثل هذه الافراح والولائم ولكن ما صنعه رب المجد كان خمر فريد من نوعه يختلف عن ما كانوا يشربونه من قبل .
•  عندما نقرأ كلمة خمر في الكتاب المقدس نميز جيدا بين معانيها وماذا تعني .
• ايضا الخمر المسكر والسكر نهى عنه الكتاب المقدس وحسب تعاليم وقوانين الكنيسة الذي يسكر يمنع من ممارسة سر الافخارستيا .
• هناك انواع تستخدم من الخمر منها خمر غير مختمر وباتالي لا يسبب السكر ولا يمكن ان يكون خمر مسكر مثل الاباركة التي  تستخدم اليوم في الكنائس في سر التناول .
• نلاحظ ان الكتاب المقدس ينهي عن السكر وادمان الخمر ولكن لا يمنع استعمال الخمر بشكل نهائي لان كما ذكرنا هناك انواع غير مختمرة وغير مسكرة كما ان الخمر قديما كان يستخدم في العلاج مثل مثل السامري الصالح وحتى في ايامنا يتم استخدام الخمر في بعض الادوية فلو كان هناك تحريم للمادة لما امكن استخدامها في اعمال مفيدة للانسان مثلما ذكرنا في مثل الخنازير واستخداماتها للعلاج .
واخيرا في المسيحية لا يوجد حرام او حلال ولكن يوجد يليق او لا يليق يوجد يبني او يفيد او يضر ويهدم  يوجد ان لا يتسلط علينا اي شيء المسيحية تلك هي تعاليم الكتاب المقدس والإيمان المسيحي
---------------
المراجع
الكتاب المقدس
قاموس الكتاب المقدس
ترجمة بين السطور عربي يوناني للعهد الجديد
مقال بعنوان ايات الانجيل في اللغة الاصلية عرس قانا الجليل .
-------------
#عصام_نسيم

عن الكاتب

essam nesim

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

مدونة ارثوذكسي